شارك المقالة:

الفرق بين القنبلة النووية الذرية والهيدروجينية

القنبلة الذرية والقنبلة الهيدروجينية

فرق هائل جداً بين القنبلة النووية الذرية والقنبلة الهيدروجينية. فإن جاز لنا التعبير, فيمكن اعتبار القنابل الذرية كلعبة أطفال مقارنة بالقنبلة الهيدروجينية. حيث يمكن أن تصل قوة القنبلة الهيدروجينية لـ 1000 ضعف من قوة القنبلة الذرية مثل تلك التي ألقتها الولايات المتحددة الامريكية في أواخر الحرب العالمية الثانية على اليابان.

ولكن قبل الحديث عن القنابل النووية الذرية والهيدروجينية, دعونا نستكشف بشكل مبسط التفاعلات التي تعتمد عليها تلك القنابل لنفرق بينها بشكل واضح. ولنعرف أيضاً مفهوم السلاح النووي بشكل عام, الذي يشمل القنابل الذية والهيدروجينية.

الأسلحة النووية

هي أجهزة تستخدم تفاعلات نووية معقدة لإحداث انفجار هائل له آثار مدمرة ملحقا خسائرا كبيرة في الأرواح البشرية وأضرارا جسيمة في دائرة ذات قطر كبير ولفترة زمنية طويلة. حجم القنبلة قد يكون متوسط كحقيبة صغيرة يمكن حملها باليد أو موجه عبر صاروخ عابر للقارات.

وتعد القنبلة الذرية والقنبلة الهيدروجينية من الأسلحة النووية الأكثر فتكا، وتكون القوى التدميرية الناتجة عن القنبلة الهيدروجينية تفوق القنبلة الذرية وتكون صناعتها أكثر تعقيدا.

الانفجار النووي

التعريف العام للانفجار النووي: يحدث الانفجار النووي عندما يتم إطلاق كمية هائلة من الطاقة الناتجة عن تفاعل نووي سريع، هذا التفاعل يمكن أن يكون انشطارا نوويا أو اندماجا نوويا. آثار الانفجار النووي الناتج عن استخدام الأسلحة النووية طويل المدى, أي أن آثاره المدمرة والفتاكة تدوم لسنوات طويلة.

الانشطار النووي Nuclear Fission

الذرة لا تُرى بالعين المجردة ولكن تمتلك مكوناتها (البروتونات والنترونات) قوى جذب هائلة جداً يصعب فصلها عن بعضها إلا من خلال تفاعل الانشطار النووي. وهو تفاعل تتم فيه انقسام الذرات إلى أجزاء صغيرة ويترافق ذلك اطلاق كمية هائلة من الطاقة والإشعاع.

صورة تمثيلية للذرة
صورة تمثيلية للذرة تبين البروتونات الموجبة والالكترونات السالبة والنترونات البيضاء معتدلة الشحنة

وتعتمد القنبلة الذرية على الانشطار النووي فقط.

الاندماج النووي

هو تفاعل معاكس لتفاعل الانشطار النووي وفيه يتم اتحاد الذرات. ويترافق ذلك إطلاق كمية هائلة من الطاقة. تعتمد القنبلة الهيدروجينية على تفاعل الانشطار النووي والاندماج النووي معًا. وهذا ما يعطيها قوة هائلة من الطاقة المدمرة تفوق القنبلة الذرية.

القنبلة الذرية

تعتمد القنبلة الذرية على آلية الانشطار النووي. وهي عملية تقسيم ذرة كبيرة (ذرة يورانيوم مثلاً) إلى ذرتين أو أكثر. ولكن من أين تأتي هذه الطاقة الهائلة في الانفجار؟ لمعرفة ذلك لابد من فهم آلية الانشطار النووي التي تتم وفق التسلسل التالي:

  • يتم ضرب نيترون بأحد نظائر اليورانيوم أو البلوتونيوم .
  • يؤدي ذلك إلى انقسام النظائر ويترافق ذلك بإطلاق كمية هائلة من الطاقة والإشعاع.
  • يسبب الانشطار أحيانا انطلاق أكثر من نيترونين تصطدم بدورها بذرات نظائر أخرى تؤدي بدورها إلى انقسامات جديدة واطلاق نترونات أخرى تعود لتصطدم من جديد وهكذا.
  • تحدث سلسلة متكررة ومتتالية من الانشطارات تترافق بإطلاق طاقة هائلة مسببة انفجارا مدمرا.

الطاقة الهائلة الناتجة تحقق مبدأ أنشتاين:

E= mc2

  • E طاقة الجسم
  • m كتلة الجسم
  • c سرعة الضوء

هناك علاقة متبادلة بين الكتلة والطاقة وبإمكان أحدهما أن يتحول إلى الآخر، فالكتلة لا يقتصر دورها على المفهوم المادي فقط ولكن يمكنها أن تتحول إلى شكل من أشكال الطاقة.

لاحظ: سرعة الضوء حولي300 ألف كم/ثا وهي مربعة أي تقريباً تساوي 90 مليار مضروبة بالكتلة. فتخيل مقدار الطاقة المنبعثة من الذرات في هذه المعادلة!

هارولد أجنو يحمل نواة قنبلة البلوتونيوم
هارولد أجنو (1945) يحمل نواة قنبلة البلوتونيوم التي اطلقت على مدينة ناكازاكي في اليابان

فعند انقسام ذرة اليورانيوم أو البلوتونيوم أثناء الانشطار نتج عنه ذرتين صغيرتين، هاتين الذرتين وزنهما أقل من الذرة الأم. هذا الفقدان في الكتلة يترافق بإطلاق طاقة هائلة وهذا يتوافق مع قانون انشتاين.

العناصر المستخدمة في القنبلة الذرية هي نظائر اليورانيوم أو البلوتونيوم وهي عناصر غير مستقرة (انظر للجدول الدوري للعناصر)، أما عملية تخصيب اليورانيوم, فالمراد منها هو زيادة تركيز نظير اليورانيوم – 235 . لأن يمتلك قدرة أعلى على الانشطار من اليورانيوم العادي 236.

أول قنبلة ذرية ألقتها الولايات المتحدة الأمريكية على اليابان عام ١٩٤٥ في هيروشيما وناغازاكي، والوقود النووي المستخدم فيها هو اليورانيوم- 235 .أما قنبلة ناغازاكي فقد استخدم فيها البلوتونيوم.

وهي كانت المرة الأولى والوحيدة التي تستخدم فيه القنابل الذرية كسلاح حربي فتاك.

القنبلة الهيدروجينية

تستخدم القنبلة الهدرروجينية آلية الانشطار النووي والاندماج النووي معا, وهذا يجعلها أكثر قوة من القنبلة الذرية التي تعتمد الانشطار النووي فقط. وتسمى القنبلة الهيدروجينية بالقنبلة النووية الحرارية.

بصورة مبسطة يمكن توضيح ما يحدث داخل القنبلة النووية بأنه يتم استخدام متفجرات تقليدية تحدث ضغط وحرارة عالية جدا تسبب بذلك انشطار المادة النووية ويطلق هذا الانشطار كمية هائلة من الطاقة والإشعاع اللازمة للاندماج.

المرحلة الأولية من التفاعل الحاصل هي مرحلة الانشطار وهي التي تبدأ فيها التفاعلات وهي التي تقود إلى المرحلة الثانوية (مرحلة الاندماج).

وبشكل مفصل أكثر يمكن أن نوضح مراحل التفاعلات الحاصلة كما يلي

نحن نعلم أن نوى الذرات تمتلك شحنة كهربائية موجبة تمنعها من التجاذب مع نوى الذرات الأخرى وتدفعها بعيدا، ولا يمكن تحقيق تجاذب هذه النوى إلا بوجود طاقة حركية عالية تكون كفيلة لتحقيق التجاذب بينها تحت تأثير قوى التجاذب النووي في المرحلة الثانوية من التفاعل وهو مرحلة الاندماج النووي.

هذه الطاقة الحركية العالية أو السرعة العالية لا يمكن أن تحصل إلا بوجود حرارة هائلة جدا وضغط كبير يؤمنه التفاعل الأولي وهو تفاعل الانشطار.

تعتبر ذرات الهيدروجين الأكثر مثالية لتفاعل الاندماج النووي لأن نواتها تحمل شحنات كهربائية موجبة ضعيفة (بروتون واحد في ذرة الهيدروجين) يمكن التغلب عن قوى التجاذب فيها بدرجة أكثر من غيرها من الذرات.

عندما تتحد نوى ذرات الهيدروجين (نظير الهيدروجين المسمى ديتريوم ورمزه 2H وفيه بروتون ونترون) لتكوين نواة ذرة جديدة أثقل منها هي الهيليوم 3He سوف تفقد جزء صغير من كتلتها ، هذا الفقدان في الكتلة يترافق بتحرير كم هائل من الطاقة بما يتوافق مع مبدأ أنشتاين وتماما كما هو الحال في القنبلة الذرية E=mc2.

الطاقة الناتجة هي محصل جداء كتلة الجسم مضروبا بمربع سرعة الضوء.

يستخدم ديوتيريد الليثيوم كوقود لتفاعل الاندماج في حين تؤمن نظائر الهيدروجين وهي تريتيوم (³H) و ديوتيريوم (²H) نوى تفاعلية مثالية لتحقيق الاندماج وينتج التريتيوم (نظير هيدروجين آخر).

²H + ²H → ³H + p

أو

²H + ²H → ³He + n

عملية CASTLE الأمريكية

كانت عملية “كاسل CASTLE” ثاني سلسلة اختبارات نووية حرارية التي خططت لها ونفذها هيئة الطاقة الذرية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتمت التجارب في ربيع عام ١٩٥٤. واختُبرت خلال التجارب ستة أنواع مختلفة من القنابل النووية العملاقة. وأول الاختبارات كان “برافو”، الذي أُجري في ١ مارس ١٩٥٤. حيث كان “برافو” جهازًا يستخدم ديوتيرايد الليثيوم كوقود نووي، وأنت طاقة انفجارية بلغت ١٥ ميغا طن، وهو أكبر القنابل التي تفجرها الولايات المتحدة على الإطلاق. وقد صُممت ليتم إلقاءها من الجو، فكانت بذلك أول قنبلة هيدروجينية مُسلّحة أمريكية.

أسفر انفجار “برافو” التجريبي عن أكثر من ضعفي ونصف ما توقعه العلماء. وهناك وثائقي كامل عن الأخطاء في هذه التجربة وتسرب الإشعاع النووي إلى البيوت المسلحة التي كانت من الواجب أن تحمي العلماء, حيث أطلق الانفجار الهائل كميات كبيرة من المواد المشعة التي انتشرت في الغلاف الجوي، مما أدى إلى تعرض سكان الجزر القريبة للإشعاع وتلوثهم، بالإضافة إلى بعض العسكريين وطاقم سفينة صيد يابانية كانت تمر بالصدفة من قرب الجزيرة، والتي لم تُلاحظ في المنطقة الأمنية المحيطة بالانفجار.

فيما يلي سلسلة التجارب ونتائجها في مشروع كاسل:

  1. برافو – 14.8 ميغا طن
  2. روميو – 11.0 ميغا طن
  3. كون – 0.10 ميغا طن
  4. يونيون – 6.90 ميغا طن
  5. يانكي – 13.5 ميغا طن
  6. نكتار – 1.69 ميغا طن

هذه التجارب كلها كانت سرية بشكل تام ولم يعلن عنها إلا من بضع سنين فقط. وقد اقترح مختبر مختبر ليفرمور إجراء تجارب أكبر من برافو, إلا أنها قوبلت بالرفض من الرئيس إيزنهاور بسبب القوة المفرطة1.

المرحلة الأولية من التفاعل ( الانشطار النووي)

بداية يتم انتاج الحرارة العالية واللازمة لتفاعل الاندماج عن طريق تفجير قنبلة ذرية موجودة داخل القنبلة النووية الهدرروجينية وهذه هي المرحلة الأولية للتفاعل. حيث تتم عملية التفجير باستخدام متفجرات تقليدية تسبب في حدوث تفاعل انشطاري متسلسل في اليورانيوم.

هذا التفاعل سينتج عنه حرارة تبلغ ملايين الدرجات و إشعاع ويكون محاطة بحاوية من يورانيوم والتي تزيد من قوة الانفجار وتوجهه نحو المرحلة التالي من التفاعل وهي تفاعل الاندماج.

المرحلة الثانوية من التفاعل (الاندماج النووي)

بوجود ديوتيريد الليثيوم- 16 والحرارة العالية الناتجة عن الانشطار يتحول ديوتيريد الليثيوم إلى تريتيوم ويندمج مع ديتيريوم لتتحقق عملية الاندماج النووي وهي المرحلة الثانوية من التفاعل وتترافق بإطلاق طاقة وتحرر نيترونات.

في وسط قوة الاندماج يوجد شمعة احتراق ( spark plug) مصنوعة من اليورانيوم-235 أو البلوتونيوم- 239 تبدأ بالانشطار تحت تأثير الحرارة والضغط الشديد الناتج عن تفاعل الاندماج وهذا يؤدي إلى تسخين غاز الهيدروجين وخلق تفاعلات اندماج جديدة، وهذا ما يميز قنبلة الهيدروجينية عن الذرية بأن عنصر الهيدروجين يعزز تفاعلات الاندماج.

إن النيترونات الناتجة عن تفاعلات الاندماج المتكررة سوف تصطدم أخيرا بحاوية اليورانيوم المحيطة بها وتؤدي إلى انشطارها.

هذه التفاعلات المتكررة والمتتالية من الاندماج والانشطار داخل القنبلة الهيدروجينية يمنحها قوة انفجار هائلة تحدث في أجزاء من الثانية محققة لحظة حدوثها دمارا شاملا.

المصادر

  1. Hydrogen Bomb – 1950 [https://ahf.nuclearmuseum.org/ahf/history/hydrogen-bomb-1950/]
  2. How Nuclear Bombs Work [https://science.howstuffworks.com/nuclear-bomb.htm]
Shopping Cart
×
0